حتا تكون الجامعة جامعة....

بعض الطلبة خرجوا إلى الشارع بهدف إسقاط النّظام الذي قضّ مضاجعهم·· نظام "الأل·أم·دي"، ولأنهم سمعوا بأن هذا النّظام فشل في أوروبا فقد رفضوا أن يكونوا فئران تجارب لنظام قيل إنه فاشل حتى في الدول التي ابتدعته، ومنها فرنسا· لذلك فقط كان التخلّص من نظام "الأل·أم·دي" مطلبهم الأساسي، لكن في غمرة اندفاعهم وجد بعض الذين يجيدون الصيد في المياه العكرة ويحسنون ركوب الأمواج المتلاطمة فرصة لدفع هؤلاء الطلبة للمطالبة بإسقاط النّظام كاملا بعيدا عن نظام "الأل·أم·دي"·

ولأن الطلبة مولعون عادة بكلّ ما فيه رائحة المشاغبة والشقاوة، فقد "استلذّ" بعض المشاركين في احتجاج الطلبة رفع مطالب سياسية فتاهت مطالبهم المشروعة وسط زحام صيادي المناسبات ومقتنصي الفرص ممّن يتحدّثون باسم الطلبة عن مشاكل ومشاغل لا علاقة لها بعالم الطلبة، وبذلك صار تحقيق المطالب الطلاّبية المشروعة مجرّد أمنيات بسبب تحوّلها بين عشية وضحاها إلى مطالب سياسية بسبب مجموعة من الباحثين عن "انتقام سياسي" الرّاغبين في أكل الشوك باستعمال أفواه الطلبة·

ممّا لا شكّ فيه أن من حقّ الطلبة المطالبة بتحسين أوضاعهم البيداغوجية وظروفهم الاجتماعية، ومن حقّهم معارضة نظام "الأل·أم·دي" ماداموا يرونه عدوا لهم، لكن ليس من حقّ أحد، كائنا من كان، ركوب موجة احتجاجاتهم لتمرير مطالب سياسية مكانها الطبيعي ليس الجامعة، ولا شكّ في أن من حقّ الطلبة أيضا ممارسة السياسة، فالحقوق السياسية جزء من حقوق الإنسان البالغ العاقل لكن ينبغي أن يتمّ ذلك في إطاره من دون ركوب انشغالات بيداغوجية لتحقيق مآرب سياسية ومن دون إقحام الحرم الجامعي في ألاعيب "البوليتيك"·

الجامعة مكان مقدّس للتحصيل البيداغوجي والبحث العلمي وصناعة المستقبل، وحين تقتحمها حسابات السياسة تحوّلها إلى "بازار سياسي" كبير قد تحضر فيه بعض الأفكار السياسية لكن ستضيع فيه حتما المقاصد الأهمّ للجامعة التي ينبغي أن تكون جامعة لكلّ أبناء الجزائر، على اختلاف أطيافهم وأفكارهم وتوجّهاتهم، لا مفرّقة لهم·

خليفة عقون